ثم قال المصنف: [فإنه لا يكون إلا زنديقاً، والزنديق هو المنافق] أي أن من قال قولاً كفرياً في مقالة له أو خطبة أو كتاب أو نحو ذلك، فهذا لا يخرج عن أحد أمرين: إما أن يكون مخطئاً؛ فننظر لماذا أخطأ في هذا، هل كان ذلك لبدعة دعته إلى هذا القول؟ أو أن لديه تأويلاً معيناً للقول بذلك القول؟
وإما أن يكون زنديقاً أي: أظهر هذه الكلمة الكفرية مع إظهاره للإسلام، ولكنه في الحقيقة يبطن الكفر، وهذا من لحن القول الذي ذكره الله تعالى: ((وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ))[محمد:30]؛ لأن كل إنسان لا يمكن أن يعتقد الشيء ويخفيه على من يجاوره ويخالطه بالكلية. ولا يمكن أن يعتقد أحد عقيدة إلا ويظهر أثرها في سقطات لسانه أو جوارحه أو تصرفاته، لأنه من المستحيل أن يؤمن الإنسان بشيء إيماناً حقيقياً ولا يظهر ذلك أبداً.
وهذا من حكمة الله تعالى ومن الدلالة على تلازم الظاهر والباطن، ويستثنى من ذلك ما كان مجرد شيء عابر، فإنه لا ينبني عليه حكم على الباطن سواء كان كفراً أو إيماناً، فالإيمان العابر كإنسان يحب بعض الطيبين بشكل عارض وتجده في الأصل لا يهتم بالمؤمنين ولا بالإيمان؛ لأنه ليس حباً حقيقياً، إنما هو عبارة عن عاطفة طرأت على قلبه، وكذلك إذا كان الإنسان مؤمناً ثم طرأ عليه نوع من الزيغ أو الشبهات فإنه يظهر لك أن إيمانه ثابت وباقٍ، لكن المنافق الذي يظهر الإسلام، ويحلف بالله كما حلف المنافقون للرسول صلى الله عليه وسلم، فمعلوم أن هذه الأيمان وراءها ما وراءها -نسأل الله العفو والعافية- فإن كفرهم قد ظهر في لحن القول وفلتات الألسن وسقطاتها.
  1. من هو الزنديق؟

  2. أصل مصطلح (الزنديق) وتاريخ ظهوره عند المسلمين

  3. انتشار الزندقة في البلاد الإسلامية

  4. الرافضة ودورهم في نشر الزندقة

  5. قول علماء أهل السنة في الزنديق